غرفة المرضى المثالية









Sketches of sheets لسنه فان دي خور (Sanne van de Goor)







كيف يمكنك تقليل التباين بين الإقامة داخل أروقة المستشفى وفي المنزل إلى الحد الأدنى؟




بقلم سيبا صحابي (Siba Sahabi)





يبلغ متوسط مدة الإقامة الثابتة التي يمكثها المريض في المستشفى قرابة أربعة أيام أو 96 ساعة. يقضي المريض 90 ساعة من هذا الوقت بين الاستراحة والتعافي وانتظار قرار الخروج من المستشفى. ولا تستغرق مدة العلاج سوى ست ساعات فقط من كل هذه المدة. لذا، يمكننا أن نقول إن غرفة المرضى هي أيضًا غرفة انتظار. فكيف يمكن تجهيز غرفة الانتظار هذه بالشكل الأمثل لتعزيز رفاهية المريض؟


نداء لتوفير غرفة فردية
كل من عايش تجربة الإقامة في المستشفى لبضعة أيام يدرك مدى صعوبة مشاركة الغرفة مع مرضى آخرين. وذلك لأن مشاركة الغرفة مع آخرين تحد من الخصوصية وتقلل من الشعور بالراحة. حيث تكون مجبرًا على التعامل مع وجود غرباء في محيطك المباشر في أشد لحظات شعورك بالضعف. وفي ظل المحادثات التي تتم مع موظفي المستشفى، لن يكون هناك أي مجال لتجنب مشاركة معلومات حساسة تتعلق بالخصوصية، بل وربما معلومات محرجة. ولتقليل النفقات وتوفير المساحة وتقليل وقت الانتظار، يُوضع الرجال والنساء في المعتاد في غرفة واحدة. حتى صار من العادي تواجد أربعة أفراد داخل غرفة واحدة.

وغالبًا ما يتم توفير غرفة فردية فقط عندما يكون ذلك ضروريًا من الناحية الطبية، كأن يكون هناك خطر للإصابة بالعدوى. ولكن هل تُعد الغرف متعددة الاستخدامات للجنسين مناسبة للقرن الحادي والعشرين؟ كشفت دراسة أجراها جيل مابين (Jill Maben) وزملاؤه في عام 2015 بعنوان "هل المقاس الواحد يناسب الجميع؟" أن ثلثي المرضى يفضلون الإقامة في غرفة فردية. ورغم أنهم بهذه الطريقة لا يكون لديهم الكثير من الرفقاء، إلا أنهم يكونون أفضل حالًا. ولحسن الحظ، فإن الاتجاه السائد حاليًا عند بناء مستشفيات جديدة هو توفير المزيد من الغرف الفردية.


السكينة والهدوء
في الغرفة الفردية، لا يُزعِج المرضى صوت شخير زملائهم المتواجدين معهم في الغرفة، أو الصوت الصادر عن أجهزة التنقيط الوريدي المعلق لهم، أو المحادثات التي تتم مع المرضى الآخرين والممرضات والزائرين. ويُسهم الاستيقاظ بأريحية في الصباح في راحة المريض، كما أن الاستغراق في النوم مهم جدًا للشفاء.


الضوء ودرجة الحرارة
هل تفضل النوم والنافذة مفتوحة أم مُغلقة؟ وهل تفضل أن تكون غرفتك مظلمة أم أن تغمرها أشعة الشمس؟ ولتشعر وكأنك في المنزل قدر الإمكان، تريد أيضًا التحكم في درجة الحرارة والتهوية والإضاءة في غرفتك.


التواصل
تتميز الغرفة الفردية بمزيد من الهدوء أثناء المحادثات التي تجري بين الطبيب والمريض، مما يؤدي إلى تحسين التواصل بينهما. وتظل المعلومات الحساسة المتعلقة بالخصوصية متداولة بينهما فقط، مما يعزز الشعور بعزة النفس والكرامة. كما أن المرضى يشعرون بأمان أكبر عندما يتمكنون من رؤية موظفي المستشفى وهم يسيرون في الردهة من أسرّتهم، والتفاعل معهم.


الهدوء البصري
المعدات السريرية تجعل المرضى يفكرون دائمًا في المشكلات الصحية التي يعانون منها. فإذا ما أُبعدت هذه المعدات عن نظرهم، عند عدم استخدامها، فسيكون ذلك أكثر راحة لهم.


استضافة الأقارب والأحبة
من أكثر شخص تحب تواجده بجوارك في المستشفى لكيلا تشعر بالعزلة؟ إن القدرة على التحدث مع أفراد العائلة والأصدقاء المقربين، كما يحدث على طاولة الطعام في المنزل، يقلل الشعور بالاختلاف بين حياتك اليومية والإقامة في المستشفى. وقد يُعزِّز الدعم الاجتماعي من جانب المقربين عملية التعافي إلى حد كبير، ويُسهم في أن يتناسى المريض آلامه. ويمكن للأصدقاء والأقارب المقربين التواصل مع المريض عاطفيًا وتقديم المشورة والدعم العملي، مما يقلل من العبء الواقع على كاهل موظفي المستشفى. لذلك، من المهم أن يشعر الأصدقاء وأفراد الأسرة بالترحاب والمشاركة داخل المستشفى. ويتطلب ذلك توفير مساحة كافية ومرافق، كتوفير عددٍ كافٍ من المقاعد، ومنطقة جلوس مريحة، وطاولة عمل، بل وأريكة للنوم لقضاء الليلة إذا لزم الأمر.

ولإضفاء لمسة رقيقة أخرى يمكن توفير خدمة غسل الملابس داخل المستشفى. وهذا من شأنه أن يخفف العبء على أقارب المريض الذين يتولون هذه المهمة في المعتاد.


الارتباط بالحياة اليومية
لا شيء يقلل من توتر الشخص مثل الشعور بأن يكون في المنزل، والنوم تحت البطانية الخاصة. ولكن ماذا لو استيقظت ورأيت نفس اللوحة التي كنت تراها عادة معلقة على حائط منزلك؟ إن ذلك سيجعلك تشعر أثناء تواجدك في غرفة المستشفى، التي ليست غرفتك الشخصية، وكأنك في المنزل تمامًا.

كما أن حرية القيام بالطقوس اليومية تقلل من الشعور بالاختلاف بين الإقامة في المستشفى وممارسة الحياة الطبيعية. ومن أمثلة ذلك قراءة الجريدة المفضلة أو الاتصال بزملاء العمل وزملاء الدراسة أو الاستماع إلى الموسيقى المفضلة ومشاهدة البرامج الإخبارية أو الأفلام أو المسلسلات المفضلة - ويفضل أن يكون ذلك باستخدام السماعات الخارجية وعدم ارتداء سماعات الرأس. ومن الأشياء التي تمنح شعورًا أكثر بالراحة وجود غرفة للطعام حتى تتمكن من إعداد كوب من الشاي أو القهوة، مع وجود ثلاجة صغيرة يتم ملؤها بالمشروبات أو الوجبات الخفيفة. كما أن وجود خزانة يقلل من خطر فقدان المتعلقات الشخصية.

بالطبع تبدو النقاط الأخيرة وكأننا نصف غرفة فندق. وهذا ليس غريبًا، لأن الإقامة في غرفة فندق تمنح ارتباطًا أكثر إيجابية من غرفة المستشفى ذات الطابع المؤسسي. وقد أظهر بحث أجراه بريفوث (Prevosth) وفان دير فورت (Van der Voordt) عام 2011 أن المرضى الذين أقاموا في غرف شبيهة بغرف الفنادق عايشوا تجربة علاجهم بصورة أكثر إيجابية. وكانت نظرتهم أكثر تقديرًا للأطباء والطعام ومستوى النظافة مقارنة بالمرضى الذين أقاموا في غرف مستشفيات معقمة. ويجب أن تحتوي غرفة الفندق أيضًا على مقطوعات صوتية جميلة ومزيج متناغم من الألوان والمنسوجات والمواد والأشكال. وغالبًا ما تكون هناك لوحات فنية معلقة أيضًا على الحائط. وتتميز الديكورات الداخلية بالهدوء والإيجابية والتنوع دون المبالغة في التحفيز. ولابد أيضًا أن تكون غرفة المرضى المثالية كبيرة وتطل على منظر طبيعي.


ضوء الشمس
تظهر الأبحاث أن المرضى يتعافون بشكل أسرع في الغرف المعرضة لأشعة الشمس. وأظهرت دراسة أُجريت عام 1998 قام بها هـ. روبن (H. Rubin) وزملاؤه أن المرضى من النساء يكنّ حساسات بشكل خاص للضوء ويُقمن في المتوسط 2.3 يوم في الغرفة المعرضة لأشعة الشمس مقارنة بـ 3.3 يوم في الغرفة المظلمة.


خاتمة
إنّ وجود بيئة محيطة جميلة وتواجد أفراد العائلة والأصدقاء وتلقي الدعم لممارسة الطقوس اليومية كلها أمور تحفز الأفكار الإيجابية وتبعث الأمل. كما أن التمتع بالإيجابية يمكن أن يقلل الحاجة إلى المسكنات ويسرع عملية الشفاء. ولا يقتصر الأمر فقط على بقاء المريض في المستشفى لفترة أقصر، ولكن ذلك يوفر أيضًا في تكاليف الرعاية الصحية.